يُعد مرض السكري واحدًا من أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا في العالم، ويؤثر على حياة ملايين الأشخاص سنويًا. يتميز هذا المرض بارتفاع مستويات السكر (الجلوكوز) في الدم نتيجة خلل في إنتاج أو استخدام هرمون الأنسولين. ويؤدي السكري إلى مضاعفات صحية عديدة إذا لم يتم التحكم فيه بشكل مناسب، منها أمراض القلب، الفشل الكلوي، ومشاكل في الأعصاب والعينين. في هذه المقالة، سنستعرض معلومات شاملة عن السكري: أنواعه، أسبابه، أعراضه، التشخيص، العلاج، وطرق الوقاية.
ما هو مرض السكري؟
مرض السكري هو حالة مزمنة تؤثر على الطريقة التي يستخدم بها الجسم الجلوكوز، المصدر الأساسي للطاقة. في الحالة الطبيعية، يفرز البنكرياس هرمون الأنسولين الذي يسمح لخلايا الجسم باستخدام الجلوكوز من الدم. أما عند الإصابة بالسكري، يحدث خلل في إنتاج الأنسولين أو استخدامه، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
أنواع مرض السكري
يوجد عدة أنواع للسكري، لكن الأكثر شيوعًا هي:
السكري من النوع الأول: يحدث نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، مما يؤدي إلى نقص كامل في الأنسولين. غالبًا ما يُشخص في الأطفال والمراهقين.
السكري من النوع الثاني: يحدث عندما لا يستخدم الجسم الأنسولين بشكل فعال، أو لا ينتج كمية كافية منه. يمثل هذا النوع حوالي 90-95% من حالات السكري عالميًا، ويظهر عادةً في البالغين.
سكري الحمل: يظهر أثناء الحمل لدى بعض النساء، ويزول عادة بعد الولادة، لكنه يزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني في المستقبل.
أنواع أخرى من السكري: تشمل حالات نادرة بسبب مشاكل جينية أو أمراض البنكرياس أو استخدام بعض الأدوية.
أسباب وعوامل خطر الإصابة بالسكري
السكري من النوع الأول
العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للمرض يزيد من احتمالية الإصابة.
العوامل المناعية: مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا البنكرياس.
العوامل البيئية: قد تشمل بعض الفيروسات أو الملوثات.
السكري من النوع الثاني
زيادة الوزن والسمنة: الدهون الزائدة، خصوصًا في منطقة البطن، تؤثر على قدرة الجسم على استخدام الأنسولين.
قلة النشاط البدني: تقلل الحركة من فعالية الأنسولين في الجسم.
العمر: تزداد نسبة الإصابة بعد سن 45، لكن السمنة والأمراض المزمنة جعلت المرض يظهر في سن أصغر.
العوامل الوراثية: وجود أفراد في العائلة مصابين يزيد من الخطر.
النظام الغذائي غير الصحي: تناول السكريات والدهون بكميات كبيرة.
أعراض مرض السكري
تختلف الأعراض حسب نوع السكري وشدته، لكنها تشمل غالبًا:
العطش الشديد وجفاف الفم.
كثرة التبول، خصوصًا أثناء الليل.
الشعور المستمر بالتعب والإرهاق.
فقدان الوزن غير المبرر (أكثر شيوعًا في النوع الأول).
رؤية ضبابية أو مشاكل في الرؤية.
التئام بطيء للجروح أو العدوى المتكررة.
في بعض حالات السكري من النوع الثاني، قد لا تظهر الأعراض إلا بعد سنوات من ارتفاع السكر، مما يجعل الفحص الدوري ضروريًا.
تشخيص مرض السكري
يتم تشخيص السكري باستخدام عدة فحوصات دقيقة:
تحليل الجلوكوز في الدم الصائم: قياس مستوى السكر بعد صيام 8 ساعات.
اختبار تحمل الجلوكوز الفموي: قياس مستوى السكر بعد ساعتين من شرب محلول الجلوكوز.
اختبار HbA1c: يعكس متوسط مستويات السكر في الدم خلال 2-3 أشهر الماضية.
فحص البول: للكشف عن السكر أو البروتين في البول، وقد يستخدم كاختبار داعم.
علاج مرض السكري
يعتمد العلاج على نوع السكري وحالة المريض:
السكري من النوع الأول
الأنسولين: حقن الأنسولين اليومي أو عبر مضخة أنسولين للحفاظ على مستويات السكر ضمن الحدود الطبيعية.
النظام الغذائي الصحي: تنظيم كمية الكربوهيدرات والسكريات.
النشاط البدني المنتظم: يساعد على استهلاك السكر وتحسين حساسية الأنسولين.
المتابعة الدورية: قياس مستويات السكر باستمرار لتجنب انخفاضه أو ارتفاعه المفاجئ.
السكري من النوع الثاني
تغييرات نمط الحياة: فقدان الوزن، ممارسة الرياضة، تناول غذاء صحي متوازن.
الأدوية الفموية: مثل الميتفورمين وأدوية أخرى تعمل على زيادة حساسية الجسم للأنسولين أو تحفيز إفرازه.
الأنسولين أو أدوية الحقن: لبعض الحالات التي لا تستجيب للأدوية الفموية.
مضاعفات السكري
إذا لم يتم السيطرة على السكر، قد تحدث مضاعفات خطيرة تشمل:
أمراض القلب والشرايين: مثل ارتفاع ضغط الدم، الذبحة الصدرية، والنوبات القلبية.
أمراض الكلى: قد تتطور إلى فشل كلوي.
مشاكل الأعصاب: تؤدي إلى الألم أو فقدان الإحساس بالأطراف.
مشاكل العين: مثل اعتلال الشبكية السكري، الذي قد يسبب العمى.
مشاكل الجلد والعدوى: بطء التئام الجروح وزيادة الالتهابات.
الوقاية من مرض السكري
الحفاظ على وزن صحي.
ممارسة الرياضة بانتظام (30 دقيقة على الأقل يوميًا).
اتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضروات، الحبوب الكاملة، والبروتينات الخالية من الدهون.
تجنب التدخين والكحول.
الفحص الدوري خصوصًا إذا كان لديك عوامل خطر.
الخلاصة
مرض السكري حالة مزمنة تتطلب وعيًا دائمًا ومتابعة طبية دقيقة. من خلال التغييرات في نمط الحياة، الالتزام بالعلاج، والفحص الدوري، يمكن السيطرة على المرض والحد من مضاعفاته. الوقاية تظل أفضل استراتيجية، خصوصًا عبر الحفاظ على وزن صحي وممارسة النشاط البدني.
